أخبار

العنف الأسري: ماذا تفعلين لو كنت تتعرضين للعنف من قبل طفلك الصغير؟

لا ينتاب معظم الأهالي أي شعور بالقلق أو الخوف حول ما إذا كانوا سيتعرضون للعنف من قبل أطفالهم، ولكن، إذا حدث ذلك فعلاً سيواجهون دوامة حقيقية.

وقد يمتنع الآباء والأمهات عن طلب المساعدة حول كيفية التعامل مع أطفالهم ذوي الطباع العنيفة، خشية أن يكون لذلك تداعيات على أطفالهم.

وتشير الأبحاث إلى أن المشكلة غالباً ما تكون محاطة بجدار من السرية وبعيدة عن الأنظار، لكنها شائعة أكثر مما تتصور.

في الصيف الماضي، قرر أيدن البالغ من العمر 10 سنوات، أن يقتل كلبة العائلة، فاستدرجها إلى خلف الأريكة بنقانق قبل أن يضع يديه على كمامة فمها وحول رقبتها.

وتقول هيزل، والدة الطفل: “إنه جنون حقيقي لأن أكثر شيئين يحبهما أيدن هما أنا والكلبة، لكن كلانا هدفان لهجماته وأحياناً يؤذيها لمجرد أنه يريد إثارة عضبي”.

أيدن يركل تارة ويضرب تارة أخرى، وحتى أنه يعض أحياناً. يقول لوالدته إنه يكرهها ويريدها أن تموت وأنه سيحصل على مسدس ويطلق النار عليها.

لقد حاول في إحدى المرات دفعها إلى أسفل الدرج، والآن بعد أن علم بنقاط ضعف والدته، التي لديها إعاقة بصرية، ولا ترى بشكل جيد من زوايا معينة، يرميها بأشياء من زوايا لا تستطيع رؤيتها.

ورماها مؤخرا بغلاية الماء الكهربائية، ولحسن حظها، لم يكم الماء مغلياً، لم يكن أيدن يعلم أنها باردة عندما رماها عليها.

تقول هيزل: “سلوكه أشبه بالسلوك العدواني التسلطي… أشعر وكأنني أعيش علاقة زوجية عنفية. لو كان زوجي يتصرف هكذا لكنت فتحت الباب وغادرت المنزل، لكن الأمر يختلف مع طفلك، أليس كذلك؟ فأنت الحامية له وضحيته في آن واحد”.

الحرب في سوريا: لماذا تحض شابة أبناء وبنات جيلها على عدم الإنجاب؟

التحرش الجنسي: ما الذي يمكن أن يفعله الأهل لحماية أطفالهم من الابتزاز عبر الهاتف؟

انتهاكات جنسية إلكترونية ضد أطفال من منتحل شخصية جاستن بيبر.

احتياجاته المعقدة.

تقول هيزل: “لقد نجحوا في احتوائه لكن لم يتم حل أي شيء، فالطفل لا يزال يتراجع على صعيد التعليم”.

من الناحية التعليمية، يتخلف أيدن فعلياً عن الأطفال الآخرين الذين في عمره بنحو ثلاث أو أربع سنوات، على الرغم من أن خطه جميل.

دفعت هيزل مقابل جلسات تدريب لتعلم التقنيات التي يمكنها استخدامها للحد من نوبات عنف أيدن، وتجنب التعرض للأذى.

وأحد الأساليب هو التواري خلف وسادة أريكة كبيرة لحماية نفسها.

تقول هيزل: “في المرة الأولى، أخذ الوسادة مني وضربني بها، لذلك قلت لنفسي يجب أن أمسكها بإحكام أكثر، وفي المرة الثانية نجح الأمر بشكل جيد، وتمكنت من وضعها بيني وبينه، إذ كان يلكم ويركل الوسادة ويحاول الالتفاف عليها لكن دون جدوى”.

وتصر هيزل على أن ابنها ليس شريراً، لكنه أصبح عنيفاً بسبب الصدمة التي تعرض لها في ماضيه، وهذا ليس ذنبه.

وتقول: “على الرغم من أنه يبدو أنه عدواني، إلا أنه ليس كذلك حقاً، الأمر خارج إرادته، في الواقع هو لطيف ومبهج، ونحب بعضنا”.

لكن الضغط الناجم عن ذلك أجبرها على ترك وظيفتها، وتراجعت صحتها وأصيبت بمرض جلدي بشكل متكرر وإلتهاب الرئة أكثر من مرة في العام الماضي، وتتناول الآن مضادات الاكتئاب كما تأثرت علاقتها بزوجها أيضاً.

تقول: “عندما أدركنا لأول مرة أننا إزاء مشكلة وأن الأمر صعب للغاية، شعرنا بشكل أساسي أننا ارتكبنا خطأ ولم يعد باستطاعتنا التعامل مع المشكلة، قول ذلك بصوت عالٍ يعني أنه يتعين عليك القيام بشيء ما، لذلك لم يقل أي منا ذلك بصوت عالٍ. لم نتحدث مع بعضنا البعض تقريباً لمدة ستة أشهر”.

متى تبرز المشكلة؟

يقول برنامج “من المسؤول؟” إنه عندما يصبح سلوك الطفل تسلطياً أو عدوانياً أو غير آمن أو مهدداً، فهذا يعني أن سلوك الطفل غير طبيعي. ومن بين العلامات التي تدل على ذلك:

أنك تتصرف بطريقة مختلفة لتجنب المواجهة مع طفلك.

تشعر بالقلق على سلامتك أو سلامة أحد افراد الأسرة

قيام الطفل بسرقة أو إتلاف مقتنيات أفراد الأسرة الآخرين

الطفل يهددك أو يهدد الآخرين

يهدد الطفل بإيذاء نفسه أو اتباع سلوك محفوف بالمخاطر – خذ دائماً تهديدات إيذاء النفس على محمل الجد.

الطفل عنيف مع الحيوانات الأليفة

الطفل ينتقدك ويتجاهل اهتماماتك

الطفل يلومك أو يلوم الآخرين على سلوكهم

يهدد الطفل بالفرار من المنزل إذا لم تلب مطالبه

يهدد الطفل بالاتصال بخدمة حماية الأطفال أو الأخصائي الاجتماعي أو غيرها من الجهات إذا لم يحصل على ما يريد.

قبل عامين، وبعد تفكير طويل كانت هيزل على وشك اتخاذ قرار جذري. وتقول: “لقد وجدت أن تأثير ذلك على الأسرة ككل كبير للغاية، لذا قررت أن آخذ أيدن وأرحل بعيداً”.

لكن زوجها أقنعها بعدم القيام بذلك، وعلى الرغم من اعترافها الآن بأن ذلك ربما كان القرار الصحيح، إلا أنه لا يخفف من شعورها بالذنب الذي تشعر به تجاه الأطفال الآخرين في أسرتها

“إنها طفولتهم التي نعرضها للخطر”، كما تقول.

كانت هيزل قد عزفت عن زيارة الآخرين في منازلهم قبل وقت طويل من انتشار الوباء. ولا تحضر حتى المناسبات العائلية الكبيرة، وترى هيزل والديها فقط أثناء وجود أيدن في المدرسة لأنهم لا يستطيعون تحمل سلوكه، كما أنها لا تلتقي بصديقاتها إلا بغياب أيدن.

لا تسهر هيزل وزوجها خارج البيت ولا تمضي عطلة نهاية أسبوع في الخارج، ولا يوجد أحد يمكنهما ترك أيدن برعايته بسبب سلوكه. تقول هيزل: “إننا منعزلون بشكل لا يصدق”.

لكنها وجدت راحة كبيرة في تواصلها عبر الإنترنت مع منتدى الآباء الذين يعيشون نفس تجربتها، حيث يتبادلون تجاربهم وآليات التأقلم ويقدمون الدعم المعنوي لبعضهم

كان اكتشاف مواجهة عدد كبير من الناس لنفس المعضلة أمراً مثيراً للاهتمام.

تقول: “عدد كبير جداً من الأسر التي تعاني نفس معاناتي”.

تقول راشيل كوندري: “عنف الأطفال ضد الوالدين ليس من شأن أحد لكنه شأن الجميع أيضاً، بمعنى أنه لا توجد خدمة واحدة أو هي مسؤولية جهة واحدة، أعتقد أن هذه مشكلة حقيقية”.

الأمل الكبير للعائلة هو إدخال أيدن في مدرسة داخلية تهدف إلى إعادة تأهيل الأطفال مثله بالكامل في غضون ثلاث سنوات، مما يسمح لهم بالعودة إلى منازلهم والعيش مع أسرهم والالتحاق بالمدارس العادية.

تقول هيزل: “أريده حقاً أن يلتحق بمدرسة إصلاحية، مدرسة تساعده بالفعل”. لكن معايير الدخول صارمة ومعقدة، لذا فهي بعيدة المنال.

تشعر هيزل بالقلق في حال عدم قبول أيدن، وتقول: “سيسير في طريق الإنحراف وسيدخل في مشاكل مع الشرطة، سيخسر معركة ويخوض أخرى، أرى مستقبله في السجن أمام عيني”.

في الوقت الحالي، تواصل محاولتها إخفاء الأشياء. أثناء وجود آيدن في المدرسة تتمشى مع الكلب وتفكر وتستعد للتعامل مع أيدن.

قد يقرر أيدن تحطيم المكان، ورمي محتويات وعاء الفاكهة عليها والقفز من فوق السياج. وإذا كانت ليلة هادئة، سيستمع آيدن إلى كتبه الصوتية، القصص نفسها، مراراً وتكراراً، متابعاً الكلمات الموجودة على الصفحة. وعندما يحين وقت النوم، ستُغلق الأبواب في الطابق السفلي حتى لا يقوم بإزعاج الكلبة إذا ما استيقظ ليلاً.

المصدر :BBC

 

إغلاق